بُني نزل فينان البيئي عام 2005 على يد الجمعية الملكية لحماية الطبيعة ليكون الأول من نوعه في الأردن. وفي شهر أيلول من عام 2009، استلمت شركة الفنادق البيئية "EcoHotels" إدارة وتشغيل النزل الذي يقدم لزواره فرصة فريدة للتعرف على الأماكن البرية في الأردن ولقاء سكانها المحليين واكتشاف تاريخها العريق، مع الحرص على أن يكون كل ذلك بأقل أثر ممكن على البيئة.

يحمل نزل فينان البيئي طراز وتصميم خانات القوافل التاريخية التي كانت منتشرة على طول طريق الحرير والتي مثلت محطة تتوقف عندها القوافل التجارية خلال رحلاتها الطويلة عبر الصين وأواسط آسيا وأوروبا للتزود بالمؤن والاستراحة قبل الانطلاق في رحلتها التالية. فقد كانت خانات القوافل هذه بمثابة شبكة الاتصالات البرية العالمية الأولى فهي شاهدة على التواصل الثقافي الذي بلغ أوجه في العالم الإسلامي، كما اعتُبرت منصة يروي فيها المسافرون والحجاج قصصهم واكتشافاتهم ومعارفهم.

في عام 2002، عندما كان نزل فينان البيئي في مرحلة التَّصوُّر، حضر كريس جونسون – الذي كان في ذلك الوقت مدير برية الأردن وهي فرع للجمعية الملكية لحماية الطبيعة ندوة حول تاريخ خانات القوافل في الشرق الأوسط، ومن هنا استوحى كريس فكرته وقرر أن يكون النزل البيئي الأول في الأردن على الطراز المعماري لخانات القوافل بما أنه يقع على الطريق التجاري القديم، فقام بالتواصل مع المهندس المعماري المرموق عمار خماش ليُحوّل رؤيته إلى واقع.

The Lodge

كانت خانات القوافل التقليدية تُبنى على شكل مربع أو مستطيل وتحتوي على بوابة واحدة واسعة تسمح للحيوانات المحملة بالبضائع كالجمال بالمرور، أما الساحة الداخلية فكانت أغلبها مفتوحة بلا سقف والجدران الداخلية المحيطة بالساحة كانت تضم مقصورات وغرف متشابهة مخصصة للتجار وخدمهم وحاشيتهم وحيواناتهم وبضاعتهم. أما بالنسبة للألواح الحجرية على واجهة النزل الأمامية فهي تقنية معمارية يمنية قديمة تساعد على التحكم بدرجة الحرارة بأن توفر الظل من شمس الظهيرة العامودية خلال فصل الصيف وتسمح لأشعة شمس فصل الشتاء أن تنشر الدفء بين أرجاء المكان.

إن الموقع الذي اختارته الجمعية الملكية لحماية الطبيعة لبناء النزل هو بحد ذاته حادثة نادرة ينتصر فيها الاهتمام بالبيئة على استغلال الموارد غير المستدام، حيث يقع وادي فينان على الحافة الجنوبية الشرقية لمحمية ضانا للمحيط الحيوي التي تُلقب بجوهرة المحميات الطبيعية في الأردن. وذلك لامتدادها على أربعة أقاليم جغرافية حيوية بالإضافة إلى تنوع التضاريس والحياة البرية فيها، وهي في الوقت نفسه إحدى أكثر المحميات المهددة في الأردن.

على مر التاريخ كانت منطقة وادي فينان إحدى مواقع التنقيب عن النحاس في العالم، وبناءً على هذا أجرت سلطة المصادر الطبيعية منذ ثلاثين عاماً أبحاثاً وتقييمات في المنطقة على أمل إعادة الماضي القديم وإيجاد النحاس في هذه الجبال لتزويد المملكة بالمصادر الطبيعية التي تحتاجها بشدة. إلا أنه وبعد ثلاثة إلى أربعة آلاف عام من الاستغلال الجائر، فإن كل ما تبقى من النحاس هو طبقة عميقة يتطلب استخراجها تفجير حفرة بعمق 8 كيلومتر مربع، وهو أمر غير مجدٍ اقتصادياً ويعد كارثة بيئية.  ولذلك وقفت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة احتجاجاً على محاولات التعدين لهذه الموارد الضئيلة.

قامت الجمعية بتأسيس النزل لتقديم الفرص الاقتصادية اللازمة للمجتمع المحلي وتوفير بديل مستدام. وقد كشفت عمليات التنقيب الأثري عن تاريخ المنطقة الغني ذو الأهمية العالمية، إذ أظهرت أن فينان من أقدم المناطق المأهولة في العالم وذلك حسب أدلة تعود إلى العصر الحجري الحديث (10,000 قبل الميلاد) ومروراً بفترة التنقيب عن النحاس في العصر البرونزي إلى تصنيع النحاس خلال الفترة الرومانية وما بعدها. كما سكن المنطقة المسيحيون الأوائل الذين أحضرهم الرومان للعمل في مناجم النحاس حتى الموت لاعتناقهم الديانة المسيحية، وقد تم تكريم ذكراهم بإنشاء كنائس في العهد البيزنطي والتي ما تزال آثارها موجودة حتى اليوم. وتبقى المنطقة مثالاً حياً على التقنيات المستخدمة في استخراج النحاس في العهد القديم.

وهكذا يستحق وادي فينان موقعاً هاماً على خريطة السياحة الصديقة للبيئة بمواقعه الأثرية وإرثه وجماله الطبيعي.

وقد كان من البديهي أن يُبنى النزل البيئي الجديد في نفس الموقع الذي كان مخيماً وذلك كي لا يتم تخريب موقع تاريخي آخر.